جلس علي المنضدة الخشبية ينظر بعين يملؤها القلق الي المستقبل المبهم سكون الشتاء في تلك الليلة الممطرة زاد من كابة تفكيره سنوات قليلة وينتهي به الامر الي المعاش وهو في اوائل خريف عمره الذي افناه في خدمة الوطن قدم للوطن اكبرنصر في تاريخها المعاصر فهو صاحب الضربة الجوية التي مهدت للقوات البرية عبورقناة السويس وتحطيم خط بارليف نصر قتل فرحته قرار وقف اطلاق النار ومشى في جنازته الرئيس المؤمن السادات عندما وقع اتفاقية السلام لماذا اتخذ هذا القرار وحده دون الرجوع الينا السنا اصحاب هذا النصر قبل الحرب كان الامر شوري بيننا وكنا اصحاب القرار واصحاب الكلمة العليا بعدها انفرد بكل شي حتي كاد يقولها صراحة انا ربكم الاعلي يمسك بمقاليد كل شئ الكل يخشاه ويهابه خاصة بعد ثورة التصحيح كما سماها والتي تخلص فيها من رجال الثورة وانفرد هو بكل شئ من يعارضة فطريقه مفروش بالورد الي معتقل القلعة لا احد يجرؤ ان يعارض الرئيس المؤمن هل يتوسط اليه وهو قريب منه لتعينه سفيرا في احدي الدول الاوربية بعد خروجه للمعاش فاولاده في عمر الزهور ولم يؤمن لهم مستقبلهم بعد في عصر الانفتاح انقلبت الامور راسا علي عقب واصبح هو وامثاله من فقراء هذا البلد بعدما استطاع الجهال ان يسيطروا علي السوق بخيراته واصبحوا يملكون من العمارات والاموال في فترة قصيرة ما جمعه بشوات العصر الفائت طوال حياتهم فكر في علاء وجمال لم ولن يترك لهم شئ بل قد لا يستطيع ان يتكفل بزواجهم كأي اب. مستقبلهم مظلم وحاضرهم لا يقل ظلمة اه لو وافق الرئيس علي تعينه سفيرا حتي يستطيع ان يجمع القليل من المال لمستقبل تلك الاسرة الصغيرة عددا وحلما انه يشعر انه في ريعان شبابه ماذا لو تركوه هكذا دون تعينه محافظ او حتي رئيس نادي انه لا يعرف من امور الحياة والتجارة الا القليل فلا يستطيع ان يشق طريقه في مجال البزنس كما فعل بعض اصحابة واين له من رأس المال سوف يكتب مذكراته عن حرب اكتوبر وهل تكفي تلك المذكرات لجمع المال اللازم لمستقبل اولاده واي مذكرات يكتبها انه لا يملك من الذكريات الكثير انه صاحب الضربة الجوية الاولي وكفي انتهي به الامر كذلك نعم هذة الضربة التي مهدت للنصر كله ولكن اي ذكريات فيها انها ينطبق عليها خير الكلام ما قصر ودل يسمع صوت علاء وجمال خارج الحجرة فيزداد هما وحزنا هو بعيد عن حاشية الرئيس ولا يملك مع اصحاب النفوذ اي صداقات قوية احس بصداع رهيب وكاد عقله ان ينفجرحاول ان يسيطر علي الامر بفنجان قهوة ولكنه فشل استعان بقرص اسبرين ولكن الامر يزداد سؤا فكر في الخروج ولكن الجو ممطر والسكون يكاد يخنق المكان والناس معا. فجاة سمع طرقات علي الباب من سوف ياتي في تلك الليلة الممطرة وفي هذا الليل البهيم تذكر رجال الثورة في ثورة التصيحيح عندما جمعهم الرئيس السادات من بيوتهم الي سجن القلعة هل يمكن ان يكونوا زوار الليل انه بعيد عن السياسة كل البعد حاول جاهدا ان يكون بعيدا عن تقلباتها فهو عاصر وترامي الي سمعه الكثير من تقلباتها كيف ازاح عبد الناصر الرئيس محمد نجيب الاب الروحي لثورة يوليو ثم كيف انتقم عبد الناصر من الاخوان ومن بعض رجال الثورة من ظن فيهم انهم اعدائه وما ال اليه حال صلاح نصر وعبد الحكيم عامر بعد النكسة وما فعله السادات برجال الثورة غير كثير من المفكرين والسياسيين الشرفاء الذين اكتظت بهم المعتقلات لقد وعي الدرس جيدا واثر البعد عن السياسة طرد هواجسه وانطلق صوب الباب كانت المفاجاة اكبر منه انه السفير الامريكي ومعه اثنان من الرجال عرفهم له علي انهم من رجال المخابرات الامريكية حاول جاهدا ان يستعين بما في ذاكرته من اللغة الانجليزية ولكن السفير الامريكي رفع عنه معاناته حيث اخبره ان احد الرجلين مترجم بدأ السفير الامريكي حديثة الواثق بان هذا اللقاء من السرية بمكان حتي ان لا احد يعلم به الا الرئيس الامريكي نفسه وان كل ما سوف يدور في هذا اللقاء سوف يكون في طئ النسيان بمجرد خروجهم من باب الحجرة وان لا احد حتي الرئيس المصري او اي احد من افراد الاسرة يجب علية معرفة حرف واحد قيل في هذا الاجتماع والا سوف تكون العواقب وخيمه ليس فقط عليه ولكن علي كل من خبر بالامر وان كان الرئيس المصري نفسة او احد افراد اسرته اوجس عندئذا منهم خيفة وعلم ان الامر جد خطير ولاول مرة ترتعد فرائصة منذ زمن بعيد حتي ظنها المرة الاولي والاخيرة في حياته التي شعر بهذا الخوف الشديد لم ينم بعدها ليلته ولا الليالي التاليه حتي صدر القرار بتعينه نائب لرئيس الجمهورية
لم يعرف الاجابة التي حيرته كثيرا لماذا اختاره الامريكان لهذا المنصب الخطير ولكن الذي ايقنه انهم يتحكمون بخيوط اللعبة في مصر فما معني ان يعرضوا عليه تعينه نائب للرئيس ثم يصدر القرار بعدها بايام قليلة اذن لم يكن قرار معاهدة السلام قرار منفردا به الرئيس السادات وحده ولكن كانت هناك قوي اكبر واعظم تدير السياسة في مصر من علي بعد وتحرك الحكام كيفما شاءت وفي اي طريق السادات الخادم المخلص لجمال عبد الناصر والمتلون بالف لون عرف منذ البداية ان امريكا هي الوريث الشرعي للامبراطورية البريطانية وانها المستعمر الجديد ولكن بطريقة اخري فلا داعي لتحريك الجيوش فالعالم اتغير واصبحت اساليب الاستعمارمختلفة فيكفي وجود حاكم مطيع ظالم مستبد للايفاء بالغرض من الاستعمار وهو سلب خيرات البلد وضمان فقرها وجهلها وضعفها لضمان السيطرة عليها وتقديمها فروض الولاء والطاعة علم السادات ان امريكا هي من اذنت للثورة ان تعيش فما معني ان القوات الانجليزية علي خط القناة ولا تتحرك للقضاء علي هذة الثورة الوليدة وما معني ان يتصل الملك فاروق بالسفير الامريكي ليخبره بعرض رجال الثورة تنحيه عن الملك لابنه فؤاد فيرد عليه السفير الامريكي بقبول العرض وما معني اجبار امريكا الدول الثلاث انجلترا وفرنسا واسرائيل وقف عدوانها الثلاثي سنة 1956 علي مصر. ان امريكا ارادت ان تحكم العالم بنظام جديد يعتمد اساسا علي حكم مستبد. كان السادات قريب من كل تلك الاحداث فتعلم الدرس جيدا وانصاع للعم سام وقدم له كل فروض الطاعة الا انه رفض وبشدة ان يكون للجماعات الاسلامية وجود في مصر فهو يعلم مدي خطورة هذة اللعبة وهو يعلم تماما ان ليس لمصر اي ناقة او جمل في هذا الامر ولم تكن امريكا تريد ان تفصح عن خططها كلها كانت الاوامر بافساح الطريق للجماعات الاسلامية داخل مصر والوطن العربي .ان ما قدمته امريكا من حجج واهية لم تكن لتقنع هذا الثعلب العجوز والسياسي المخضرم علم السادات ان الهدف خفي وانه لن يجني من وراء ذلك شئ ولكن امريكا كانت تريد لهذا الامر ان يتم حتي لو اضطرت ان تزيح السادات من الصورة خاصة انه ادي الدور المنوط به تماما واصبح لا معني له بعد ان اصبح كبش الفداء لعملية السلام واصبحت علاقاته بالدول العربية سيئة واصبح رمز للعمالة في نظر الكثير من الشباب العربي والحكام العرب كانت المرحلة القادمة تستدعي وجود رجل من طراز مختلف فقد ارادت اسرائيل التخلص من قوة الجيش المصري ورجال الجيش وما كان هذا ليحدث في ظل وجود الرئيس السادات اما السر الاعظم فامريكا ارادت ان تزيح الاتحاد السوفيتي من افغانستان فوجود روسيا في هذة المنطقة الاستراتيجية امر مقلق ويعيق مخططات امريكا للسيطرة علي هذة المنطقة وبناء قواعد فيها. لم يكن الدعم المادي بالاسلحة والاموال كافي لتحرير افغانستان وجائت الفكرة الشيطانية بتحريك الشباب المسلم من جميع دول العالم العربي نحو هذا الهدف وما كان هذا ليحدث من خلال قنوات رسمية فلابد ان يكون من خلال جماعات اسلاميه غير موالية للحكومات العربية يتم من خلالها تجميع الشباب بعد زرع فكرة الجهاد لتحرير افغانستان ثم تجهيزهم من خلال تدريبهم في معسكرات يشرف عليها الجيش الامريكي بطريق غير مباشر وتسفيرهم لافغانستان مع احدث الاجهزة الامريكية وهذا يعطي اجابة مقنعة عن كيف نشأت الجماعات المصرية في مصر وكيف وجدت طريقها مفروش بالورود من سنة 1981 حتي المواجهات الدامية اوائل التسعينات من القرن الماضي بعدما ادوا مهمتهم وتم طرد الروس من افغانستان كنت دائما اسأل نفسي هذا السؤال لماذا شباب الجماعات الاسلامية في مصر ينتشر بهذة السرعة ويسيطر علي المساجد ويتخذها منابر له بل والامن احيانا يتفاوض معهم في كثير من الامور وكيف وهم متهمون بقتل الرئيس السابق لا يتم القضاء عليهم تماما خاصة وانهم مازالو في بداية تكوينهم وكيف استطاعت الحكومة ان تقضي عليهم تماما عندما ارادت ذلك ولماذا كل هذا الانتظار لقد قتل الاف الشباب المصري والعربي واعتقل الالاف منهم لاكثر من خمسة عشر عاما من اجل من كل هذا؟ من اجل خطط امريكية قصيرة وبعيدة الامد. وفي رقبة من كل هؤلاء؟ من الذي سهل لهم الدعوة والتجمع والسفر واسلاح والتدريبات والاموال من اعوان الشيطان في هذة المكيدة؟
ارادت امريكا بديل للسادات ولكن كان الجيش المصري مازال بقوتة وكان لابد ان يكون البديل من داخل المنظومة العسكرية فاي بديل اخر لن ينجح في الوصول للحكم مهما كانت قوته ودعمه انها مرحلة رجال الجيش ولكن هل يمكن لرجال الحرب المصرية الاسرائيلية الاقوياء داخل الجيش المصري في هذة المرحلة ان يؤدوا الدور الامريكي المشبوه ان المطلوب قيادة من الجيش ليس لها ميول سياسية او اطماع في السلطة ليسهل اقتناع الرئيس السادات بوجودها كبرواز في الصورة وفي نفس الوقت شخصية مسالمة يسهل تشكيلها وانصياعها للدور الامريكي وبعد بحث ومشاورات وتقصي تم اختيار ذلك الذي يمني نفسه بحياة بعيده هادئة في احدي الدول الاوربية ولكن كان لابد من الاجتماع به قبل كل شئ لوضع النقاط فوق الحروف وهذا ما تم في الاجتماع الاول به في بيته وهو جالس ينظر لمستقبل اولاده بمنظار ملئ بالسواد
يوم حادث المنصة الشهير اتصل السفير الامريكي به واخبره بتوخي الحذر وعدم الجلوس مباشرة بجوار الرئيس وارتداء واقي الرصاص لان هناك معلومات استخباراتية بحدوث محاولة لاغتيال الرئيس واخبره بكتمان الامر خاصة عن الرئيس السادات حتي لا يشك في وجود علاقة به وبامريكا ظل الرئيس في ذلك اليوم عاجز عن التفكير كيف لا يخبر الرئيس بامر كهذا وكيف ايضا يخبره ان اخبره فهو يعرف الرئيس جيدا سيصر علي معرفة مصدر معلوماته ولا مهرب وقتها من اخبارة لانه سيتحري الامر بنفسه ولو اخبره ان السفير الامريكي هو مصدر الخبر فسيعلم عندئذ انه علي اتصال بامريكا وستكون العواقب وخيمة فقد يقوم بقتله ويختلق اي قصة لمقتله السادات هذة الايام لا يعرف احد يعتبر الكل اعدائه حتي نفسه انه الان بين شطري المطرقة ان اخبره سيقتل وان صمت فضميرة سوف يعذبه ولكن اي ضمير وهو الرئيس القادم للبلاد ان الامر اكبر منه في هذة اللحظة وهو لا يستطيع ان يخبر احد هكذا وجد المسكن لضميرة بالعجز عن فعل شئ وليس في الامكان احسن مما كان استراح ضميرة وهدأت نفسة ولكن تذكر فجاة انه في نفس القارب مع الرئيس فأن نجا نجيا معا وان مات فقد يقتل معه انها نفس المنصة واغتيال الرئيس في هذا الوضع وسط قواته وحرسة لا يمكن ان يحدث بدون خسائر بشرية كبيرة وانفجارات ضخمة اصابه الخوف والهلع انه ميت لا محالة ولكن اذا كان الامر كذلك فكيف تطمئن امريكا لنجاته وتخبره باتباع اجراءات امنيه عادية من واقي للرصاص والتأهب للموقف لابد ان الامر سوف يتم بحرفة معينه بحيث لن يصاب الا الرئيس السادات كيف؟ الامر صعب تقبله هل ستقوم المخابرات الامريكية بهذة العمليه؟ ان كان ولابد لها فلن تفعلها ابدا يوم العرض العسكري والرئيس بين قواته من الجيش مستحيل اعياه التفكير ولم يجد بدا من الاستسلام للامر الواقع وان غدا لناظره لقريب اخذ يداعب اولاده في دفئ اكثر من المعتاد وكأنه يودعهم بطريقته حاول ان يطبع صورتهم اكبر وقت ممكن داخل ذاكرته نسي ان القبر لا ذاكرة له.كانت امريكا قد قررت المضي في خطتتها وتكوين بذور الجماعات الاسلامية في كل الدول العربية والاسلامية ولكن كان لابد من وجود مصر كاكبر دوله عربية لما للمصري من تأثير في كثير من الدول الاسلامية غير العربية والعربية وتجنيد الشباب المصري الذي سيكون النواة الاولي لقادة تلك الجماعات في كل العالم لم تكن الجماعات الاسلامية هي نبت امريكا ولكنها كانت نبت الاخوان المسلمين مجموعة من الشباب المنشق عن الاخوان والمتحمس لنشر الدعوة بالقوة تغير المنكر باليد ولكن امريكا هي من رعت هذا النبت وامدته بالحماية داخل بلده والمال والتدريب والمعسكرات خارج بلده ليكون قنابل موقودة قابلة للانفجار في اي وقت وفي اي مكان تأثر خالد الاسلامبولي ظابط الجيش المصري وبعض زملائه بهذا الفكر وكان لتوقيع معاهدة السلام والاستهزاء المتكرر من رموز التيار الاسلامي من جانب السادات زريعة قوية للتخطيط للتخلص من الرئيس الكافر علي حد زعمهم لم يكن ليخفي علي احد خطورة خالد وامثاله سواء في الجيش او خارجة وكان من الطبيعي جدا ان تلك العناصر لا يمكن لها ان تشترك في عرض عسكري يحضره الرئيس المصري بل ان خالد نفسه تم استبعاده بالفعل ولكن!!! عاد خالد الي التشكيل المشارك في العرض وتوقف امام الرئيس وخطئ اليه في ثبات واخرج مسدسه وصوبه ناحية الرئيس وقتله حدث هرج ومرج ولم تنفجر قنبلة القيت علي المنصة لانهم ارادوا لها الا تنفجر ليخرج الي الساحة رئيس جديد ظن الكثير انه لا يعلم من امر السياسة شئ ونسوا او تناسوا ان خيوط اللعبة ليست بيده وان هناك من يحركها علم الرئيس الجديد ان امريكا قادرة علي اغتيال اي رئيس عربي وان الابقاء عليه لخدمة اهدافها فقط ان حماقته قد تكون زريعة للتدخل العسكري في اي وقت اذا لزم الامر لكن ما اسهل من اغتياله او تبديله. نشأت الجماعات الاسلامية وترعرعت وجدت كل السبل متاحة من مساجد ومنابر وجامعات مفتوحة لضم اكبر عدد ممكن من الشباب والدولة تكتفي بالقبض علي بعض قاداتها لذر الملح في العيون ولاكمال التمثيلية الهزليه التي لن يدفع ثمنها الا هذا الشباب الذي لم تكن جريمته الا حميته علي دينه ونقاء قلبه وعقله قبل السيطرة عليهما ما اسهل ان تنضم الي تلك الجماعات في ذلك الوقت وما اسهل سفرك لاحدي الدول العربية لتكون قائد احدي الجماعات هناك وما اسهل السفر الي افغانستان للانضمام الي الجماعات المسلحة هناك ولماذا افغانستان بالذات اليست فلسطين اولي اليست اسرائيل هي عدونا الاكبرالم يفكر احد لماذا كل الطرق تؤدي الي افغانستان فقط انها الخدعة الكبري التي نصبها الامريكان وساعدهم علي ذلك الحكام العرب فليتركوا القضية الاكبر والجهاد الاهم والعدو المتسرطن فينا وليذهبوا الي جبال افغانستان ليظلوا هناك الي الابد هكذا ارادت امريكا وكان لها ما تريد