الثلاثاء، 3 مايو 2011

امن الدولة (كاملة)

جلس الاب غير مصدق الخبر احمد حصل علي مجموع 99 في المية في الثانوية العامة اخيرا تبسمت الدنيا لهذا الفلاح الفقير اخيرا سيتنفس الصعداء كان الكل يتوقع لاحمد هذا المجموع فتفوقه رغم ظروف المعيشة الصعبة كان واضحا وضوح الشمس حتي اطلق علية من صغره لقب الدكتور كان ابوه ينادي عليه بالدكتور احمد والفرحة تملأ ثغره فقد رزقه الله بثلاثة ابناء اكبرهم احمد يلية محمود يصغره بثلاث سنوات ثم محمد يصغره بخمس ووسط هذه الفرحة العارمة شرد الاب طويلا وارتسم الحزن عليه كيف سيدبر مصاريف ابنه في الجامعة ليس هناك بدا من ان يبيع الجاموسة التي تعينهم علي قحط الحياة عرض الامر علي رفيقة عمره وام اولاده بكت ونظرت حولها تحاول ان تجد من متاع الدنيا ما يصلح لهذة المهمة فعادت الي دموعها التحق احمد بكلية الطب جامعة اسيوط سنة 1993 كانت جامعة اسيوط في ذلك الوقت علي جمرة من النار فالمواجهات مع الجماعات الاسلامية اتخذت منحني خطير واصبح الامن يتدخل بعنف شديد ويقوم بعملية تصفية جسدية واعتقالات عشوائية شاء حظ احمد العاثر ان يسكن في المدينة الجامعية مع طالب اخوة من قيادات هذة الجماعات الاسلامية ورغم انه لم يرتبط بهذة الجماعات من قريب او بعيد فاصبح اخوة هاجس له وللامن وفي فجر احدي الايام الحالكة اقتحم امن الدولة المدينة الجامعية واقتادوا احمد وصاحبه الي جهة غير معلومة تولي اصدقاء احمد اخبار الاب بهذا الامر لم يعرف كيف يتصرف والي من يتوجه توجه الي اقسام الشرطة فلم يجد جواب عن سؤاله عن ابنه كان امن الدولة يحمل من الرعب ما يجعل هذا الاب ترتعد فرائسة لمجرد التفكير في التوجه اليه ولكن هل هناك اغلي من احمد فلينزع كل قيود الخوف داخله وليتجة الي مقر امن الدولة مباشرة فقد مر شهر ولا يعرف اي شئ عن فلذة كبده في مقر امن الدولة طال انتظارة وبعد ساعات طويلة من المكوث في غرفة مغلقة قاموا بتعصيب عينيه واقتيادة الي ضابط امن الدولة قص عليه خبر اعتقال ابنه من المدينة الجامعية اخبره الضابط ان امن الدولة غير مسئول عن اعتقاله وانه ليس موجودا لديهم ونصحه بان يبحث عنه في المستشفيات واقسام الشرطة ولا يعود مجددا الي هنا احس الاب بنبرات الكذب في حديث الضابط وشعر بوجود ابنه في مكان ما داخل جدران هذا المبني الكئيب ولكن لم يشعر الا بيد تسحبه بقوة خارج المبني عاد الي منزلة وارتمي في حضن زوجته التي حاولت ان تهدئ من روعه وقلبها يحترق علي ابنها الغائب ملأ الحزن ارجاء البيت ورغم تفوق محمود وسيره نفس خطئ احمد في الدراسة الا ان هذا لم يخفف جزء من هذا الحزن العميق مرت السنون وهدأت حدة المواجهات بين الامن والجماعات الاسلامية بعدما قام الامن بأعتقال كل من له صلة من بعيد او قريب بالجماعة وبدأت رحلة بحث اهالي المعتقلين عن ذويهم لا يوجد معتقل لم يترك الاب بابه بحثا عن احمد حتي اصبحت معظم حياته سفر دائم علي سجون ومعتقالات مصر حتي اضطر الي رهن نصف البيت لتغطية مصاريفه بعد مضي خمس سنوات وفي سؤاله في احد اشهر المعتقالات اخبرة مأمور السجن ان كل المعتقلين الاسلاميين قد استطاعوا بطريقة او باخري ان يتصلوا باهلهم وان ابنه لا يمكن ان يكون علي قيد الحياة كانت كلماته علي ما بها من صراحة ورفق بحال الاب الا انها كانت كالسهام التي تنهش جسده مرت سنوات وخرج معظم المعتقلون بعد مصالحات مع الامن وتغير توجة الجماعة واصبح معظم افرادها علي اتصال بامن الدولة ولم يعود احمد ولا يعرف عنه احد اي خبر لم يقابلة احد في معتقل او سجن ولم يذكر حتي اسمه واخبره احد قيادات تلك الجماعة ان هذا معناه ان ابنه ام تم تصفيته جسديا او انه في سجن انفرادي قد لا يعرف حتي رجال السجن اسمه الحقيقي... 25 يناير 2011 تتناثر الاخبار عن وجود ثورة في مصر يتابع محمود الاخبار بشغب يبحث عن ابية ابي قد حان وقت الثأر لاحمد اذن لي يا ابي ان اذهب الي التحرير سنسقط الطاغية سننتقم من قتلة احمد يبكي الاب بحرقة قلبي لن يتحمل ان افقد ابن اخر لي استحلفك بالله وبحياة امك المسكينة ان تظل بجانبنا لم يستطع محمود ان ينتصر علي دموع ابية وخانته نفسة واكتفي بالجلوس يتابع اخبار الثورة..........يتبع

كلما سمع الاب عن سقوط شهيد تذكر احمد ودمعت عينية. اول فرحته قطفها نظام فاسد لم يتحري حقيقة مجردة ان احمد ليس له علاقة من بعيد او قريب بتلك الجماعات نظام لم يراعي يوما حرمة دم او بيت

11 فبراير طلقات نار تنطلق ابتهاجا بسقوط طاغية هذا العصر يخرج الجميع الي الشارع والفرحة تكسوا وجوههم يتبادلون التهاني في هذا العرس بتنحي مبارك وزوال فترة من احلك حياة مصر ظلما وفقرا وجهلا وتخلفا يبتسم الاب ودموع الفرح مختلطة بدموع الحزن علي احمد فهو دايما يقول ان احمد راح ليستمر ذلك الطاغية علي كرسية تتوالي مشاهد الثورة ويقف محمود عند مشهد احس فيه ان كيانه كله يهتز امن الدولة يقوم بفرم وحرق ملفاته يصرخ محمود لا ان الحقيقة الوحيدة لوجود احمد او عدمه في هذة الملفات ينطلق دون استئذان والده الي مبني امن الدولة باسيوط يصل الي هناك ليجد حشد كبير من الناس يحيطون بالمبني يحاولون اقتحامة ووقف عمليات التخلص من ملفاته يتصاعد اللهب من داخل المبني ويحترق قلب محمود علي سر اخية يشعر بيد علي كتفه فينظر خلفه فيجد ابيه يحضنه والدموع تملأ عيونهم يقوم الجيش بفتح ابواب المبني ينطلق محمود كالمجنون يبحث عن سر اخية يجد ملفات لا حصر لها ها هي ملفات للجماعة الاسلامية مرتبه بالحروف الابجدية كاد قلبه ان يتوقف عندما وجد اسم احمد رباعي علي احد الملفات فتحه بسرعة الصفحة الاولي صورة لاحمد اخذها الاب بلهفة واحتضنها وهو يصرخ احمد ولدي تنظر عيون الاب الي محمود تستفسر عن المكتوب داخل هذا الملف يصرخ محمود وهو يحضن اباه قتلوه يا ابويا قتلوه يسقط الاب علي الارض في حالة ذهول والم علي حلم بوجود ابنه علي قيد الحياة لم يتحمل جسد احمد الضعيف التعذيب الذي تعرض له فقد حمل من المدينة الجامعية وهو معصوب العين الي امن الدولة مباشرا وحاولوا معرفة مكان اخو صاحبة في الحجرة ولم تشفع له صرخاته التي دوت في المبني كله من مواصلة التعذيب وهو الذي لا يعرف حتي اسم اخو صاحبه في الحجرة وفجاة توقف قلبه الضعيف عن النبض وتوقفت صرخاته وتوقف عذابة وفاضت روحه الي بارئها لم يهز هذا شعره لضباط التعذيب الذين امروا بقلب ميت بدفن الجثة في اي مصيبة علي حد قولهم ودفن احمد في المجهول عاد الاب المكلوم الي بيته نظر الي زوجته بثبات غريب وقال لها احتسبي احمد شهيد عند الله كانت الدموع قد جفت من مقلتيها طوال سنين الحزن الماضي وذهبت تحضن احمد الصغير حفيدها من محمود

لاول مرة من زمن بعيد تنطلق الزغاريط في بيت ابو احمد فقد اذاعت وكلاء الانباء خبر الحكم بالاعدام علي الرئيس السابق مبارك صرخ الاب باعلي صوته الله اكبر الله اكبر ربنا انتقم لي قرر ابو احمد الان ان ياخذ العزاء في ابنه واقام سرداق كبير حضره معظم اهل المدينة ولاول مرة في واجب عزاء جاء الناس مهنئين تبتسم اعينهم وهم يقولون البقاء لله

جلس الاب اخر الليل بعد انتهاء مراسم العزاء الي حفيده احمد الصغير وهو يقول بلدغته الجميلة يحدث جده يستت يستت حسني ابااارك يستت يستت حسني ابااارك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق