جلس وحيدا ينتظر القطار يتمتم بكلمات غير مفهومه بيتك بيتك بجواره نفس الشنطة التي اتي بها منذ اربعون عاما مهاجرا الي الجنوب حيث دفن هنا كل الذكريات نفس الشنطة التي جمع فيها اغراضه تاركا منزل الاسرة لم يعود اليه الا من عشرين عاما عند وفاة ابية ثم مرة اخري بعدها بعام بعد وفاة والدته تنازل عن ميراثه في الارض مقابل الاحتفاظ بالمنزل اي منزل هذا الذي يريد الاحتفاظ به وهو المهاجر بغير عودة انه المنزل الذي شهد اولي نبضات قلبه بالحب الذي يحمل ذكري عشقه الاول وحبه الابدي كانت تعيش في المنزل المقابل حملت كل جمال القرية في ابتسامتها وعطرها كان هواء الريف المشبع برائحة الزرع يستيقظ ليصلي الفجر لا يعلم عدد الركعات فقلبة مشغول بالحدث الاعظم مع نسمات الصبح الاولي يصعد درجات السلم يسبقة قلبة تتصارع كل حواسة يجلس في مكانة فوق الكرسي ينتظرها وكأنه عابد في محرابه تصعد كل صباح لاطعام طيورها تشعر الطيور بوطئ قدميها فتتراقص طربا فيهتز فؤاده ويذوب الكل في تسابيح عشقها تشرق شمسها فتنير كل جوانب القرية تتلالا في زيها القروي تتهادي تشعر بوجوده لكن حياءها يمنعها من النظر اليه تلتقط من طرف العين لمحة لهذا الجالس يتعبد علي كرسية وكانه يسجد لها يمسك بيديه كتاب يواري به وجهه يختلس من خلفه نظرات يستنشق معها عبير الكون يخشي ان يفضح نفسة اكثر من ذلك تقاليد القرية تفرض عليه قيود صارمة الحب عار والعشق حرام لم يمنع هذا كله قلبين ان يتهامسا بالحب لم يمنع هذا انفاس العشق ان تتخلل هذين القلبين اللذان سقطا صرعي لسهام الحب تنادي علي طيورها فيستجيب هو تطعمهم فيشبع هو تتدلل فيسبح هو في بحر العشق تتطاير الطيور حولها فيطير قلبه ليشارك في طقوس الحب تضحك يهتز وجدانه وتلملم روحه اصداء الصوت تتكاسل تتثاقل قدر الامكان ياتيها صوت امها يستعجلها تجري علي السلالم يستيقظ هو من سكره قد هبط من الجنة الي الارض يستعجله ابوه للمدرسة هو في الثانوية العامة اخر سنة بعدها الوظيفة كانت الثانوية في ذالك الوقت هي اقصي الاماني والوظيفة بها هي كل المبتغي هو واحد من القلة الذي سوف ينول هذا الشرف في قريته يعود من المدرسة وبيده جريدة يخرج بعد صلاة العصر يجمع حوله شباب القرية ليقرا لهم اخبار الدنيا يلقي نظرة علي حجرتها هويعلم انها خلف الشباك يعلو صوتة ليصل اليها الصوت لا تفهم شيئا مما يقراءه لكن هي تعلم ان الصوت يعلو لها تبتسم في نشوة تشعر انها جوليت وها هو روميو يقف تحت الشجرة يخطب ودها اميرة وفارسها هو من يتوسط ذلك الحشد تضحك تزهو تتطاير مع الشوق يعلو صوته اكثر فاكثر فتكاد ان تسقط من كثرة الضحك تسقط من السماء نجمة فتهديها اليه قد مالت الشمس الي الغروب سيطوي صفحة يومه بأخر نظرة اليها يصعد مسرعا الي السطح هذا هو موعد اغلاق العشة علي الطيور سيهل اخر شعاع نور لهذا اليوم يتهيئ مجلسه تصعد كعادتها وسط فرحة الكون ها هو اول ضوء للقمرينبعث منها الشمس تغرب رويدا رويدا ونورها يحل محلها تنطق بكلمات مسحورة بيتك بيتك بيتك فينصاع الطير ويدخل العشة في استسلام رهيب لما لا وهي ان امرته ان يلقي بنفسه من فوق السطح لفعل يعم الكون لحظة صمت يشعر فجاة ان الكون خلي من المخلوقات سواءهما يحمله بساط الهوي الي سطحها ينظر في عيناها تركب معه بساطه ويطيرا معا في سماء الدنيا تلمس النجوم المعتمة فتضئ بنورها ويغير القمر منها فيحتجب يستيقظ من سكرات الهوي علي صوت امها تستعجلها تحضير العشاء فيغيب عنه جسدها لكن تبقي روحها معه يكمل رحلته ببساط العشق في سماء الهوي حتي ينام علي كرسية يستيقظ علي صوت اذان الفجر ليبدأ طقوس يومه من جديد اليوم انهي امتحانات الثانوية العامة وحبيبته قد اصبحت سيرة مجالس النساء اشتد عودها علي غصن بان وجمالها صورة تتمناها كل النساء استجمع كل شجاعته وفاتح ابية في امر زواجة منها ضحك الاب بخبث الان فهم عشق ابنه للسطح بعد صلاة العصر هاخطبهالك من ابوها هل يمكن ان تعطي الدنيا كل الاشياء لا الدنيا تعطيك لتاخذ اكثر مما تعطيك انطلق للمسجد يدعوا ربه ويسبح ويكبر يركع يسجد يرفع يده الي السماء يا رب لا اريد من الدنيا سواها خذ عقلي واتركني مجنونا في هواها صلي العصر وانطلق الي السطح ليستطلع الامر ابوه يمشي بخطئ ثابتة نحو منزل حبيبته ولما لا فابنه نعم الدين والاخلاق ويزيد بعلمه شباب القرية كلهم واهل القرية جميعا في نفس المستوي الكل فقير والفرق بين اغناهم وافقرهم شئ يسير طرق الباب وبعد الترحاب يشرفني ان اطلب ابني لبنتكم الجواب لا يقبل المناقشة البنت محجوزة لابن عمها قضي الامر تقاليد القرية والعرف اقوي حتي من الدين ابن العم احق ببنت عمه طالما ارادها يلمح وجه ابيه وهو خارج من المنزل فيعلم بالامر ينزل سلالم البيت كالطير المزبوح يستقبله ابوه بنفس الكلمات البنت محجوزة لابن عمها يختنق الحب بالعادات ويموت تحت اقدام التقاليد يحبس بكل ما اوتي من قوة دمعة في عينية البكاء ليس من شيم الرجال الشمس تغيب موعد اخرنظرة واخر لقاء صعد السلم وكأنه يساق الي حبل المشنقة يلقي بنفسه علي الكرسي تصعد كعاتها تنطق نفس الكلمات بيتك بيتك الطير لا يستجيب الطير يصيح يصرخ الطير يشعر بالحزن يعتصر الكلمات صوتها مخنوق والدمع يتبخر علي خديها تذهب في قوة غريبة نحوه تقف امامه ما الامر هذا موعد عودة الفلاحيين من الارض لو شاهدها احد تنظر اليه لاصبح الامر خطير قد يترك خلفه عارا ودماء نهض لاول مرة من كرسيه ووقف امامها اول مرة ينظر اليها من غير حجاب ولاول مرة تنظر اليه من غير غض الطرف هل هذا تحدي ام هذا انتحار لا تستطيع ان تتحدي اكثر من هذا الامر قد ينتهي بقتلة هي قد حكم عليها بالاعدام فليحيا هوهكذا حدثتها نفسها فانطلقت تواري نفسها داخل جوف البيت شعرت امها بهذا الحب فمنعتها من ولوج السطح كان اخر لقاء جمع الزبيحين اليوم زفافها الزغاريد انطلقت تعلن عن اخر يوم له في القرية جاءه جواب التعيين في نفس اليوم دخل غرفته جمع اشيائه لن يتحمل ان يسمع طلقات النار معلنه الدخول بها ستكون الطلقات في قلبه والقلب اصبح مريض علل لوالده انه يتحتم عليه الذهاب الان ليتسلم عمله باكرحمل الشنطة القي علي سطحها اخر نظرة لم يجد الا طيورها في وداعه جلس علي المحطة في انتظار القطار اخذ يتمتم بكلماتها بيتك بيتك بيتك
قول اللي في نفسك محدش من البشر عارف اسمك غني علي ليلي واكتب عصارة فكرك سافر بلاد بره واحلم بان الكون ملكك عيش علي النت ايامك حارب وانت قاعد مكانك سلم علي الهادي واوعي تموت شاتت
الأحد، 25 يوليو 2010
بيتك بيتك بيتك
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق