الأحد، 25 يوليو 2010

بيتك بيتك بيتك

جلس وحيدا ينتظر القطار يتمتم بكلمات غير مفهومه بيتك بيتك بجواره نفس الشنطة التي اتي بها منذ اربعون عاما مهاجرا الي الجنوب حيث دفن هنا كل الذكريات نفس الشنطة التي جمع فيها اغراضه تاركا منزل الاسرة لم يعود اليه الا من عشرين عاما عند وفاة ابية ثم مرة اخري بعدها بعام بعد وفاة والدته تنازل عن ميراثه في الارض مقابل الاحتفاظ بالمنزل اي منزل هذا الذي يريد الاحتفاظ به وهو المهاجر بغير عودة انه المنزل الذي شهد اولي نبضات قلبه بالحب الذي يحمل ذكري عشقه الاول وحبه الابدي كانت تعيش في المنزل المقابل حملت كل جمال القرية في ابتسامتها وعطرها كان هواء الريف المشبع برائحة الزرع يستيقظ ليصلي الفجر لا يعلم عدد الركعات فقلبة مشغول بالحدث الاعظم مع نسمات الصبح الاولي يصعد درجات السلم يسبقة قلبة تتصارع كل حواسة يجلس في مكانة فوق الكرسي ينتظرها وكأنه عابد في محرابه تصعد كل صباح لاطعام طيورها تشعر الطيور بوطئ قدميها فتتراقص طربا فيهتز فؤاده ويذوب الكل في تسابيح عشقها تشرق شمسها فتنير كل جوانب القرية تتلالا في زيها القروي تتهادي تشعر بوجوده لكن حياءها يمنعها من النظر اليه تلتقط من طرف العين لمحة لهذا الجالس يتعبد علي كرسية وكانه يسجد لها يمسك بيديه كتاب يواري به وجهه يختلس من خلفه نظرات يستنشق معها عبير الكون يخشي ان يفضح نفسة اكثر من ذلك تقاليد القرية تفرض عليه قيود صارمة الحب عار والعشق حرام لم يمنع هذا كله قلبين ان يتهامسا بالحب لم يمنع هذا انفاس العشق ان تتخلل هذين القلبين اللذان سقطا صرعي لسهام الحب تنادي علي طيورها فيستجيب هو تطعمهم فيشبع هو تتدلل فيسبح هو في بحر العشق تتطاير الطيور حولها فيطير قلبه ليشارك في طقوس الحب تضحك يهتز وجدانه وتلملم روحه اصداء الصوت تتكاسل تتثاقل قدر الامكان ياتيها صوت امها يستعجلها تجري علي السلالم يستيقظ هو من سكره قد هبط من الجنة الي الارض يستعجله ابوه للمدرسة هو في الثانوية العامة اخر سنة بعدها الوظيفة كانت الثانوية في ذالك الوقت هي اقصي الاماني والوظيفة بها هي كل المبتغي هو واحد من القلة الذي سوف ينول هذا الشرف في قريته يعود من المدرسة وبيده جريدة يخرج بعد صلاة العصر يجمع حوله شباب القرية ليقرا لهم اخبار الدنيا يلقي نظرة علي حجرتها هويعلم انها خلف الشباك يعلو صوتة ليصل اليها الصوت لا تفهم شيئا مما يقراءه لكن هي تعلم ان الصوت يعلو لها تبتسم في نشوة تشعر انها جوليت وها هو روميو يقف تحت الشجرة يخطب ودها اميرة وفارسها هو من يتوسط ذلك الحشد تضحك تزهو تتطاير مع الشوق يعلو صوته اكثر فاكثر فتكاد ان تسقط من كثرة الضحك تسقط من السماء نجمة فتهديها اليه قد مالت الشمس الي الغروب سيطوي صفحة يومه بأخر نظرة اليها يصعد مسرعا الي السطح هذا هو موعد اغلاق العشة علي الطيور سيهل اخر شعاع نور لهذا اليوم يتهيئ مجلسه تصعد كعادتها وسط فرحة الكون ها هو اول ضوء للقمرينبعث منها الشمس تغرب رويدا رويدا ونورها يحل محلها تنطق بكلمات مسحورة بيتك بيتك بيتك فينصاع الطير ويدخل العشة في استسلام رهيب لما لا وهي ان امرته ان يلقي بنفسه من فوق السطح لفعل يعم الكون لحظة صمت يشعر فجاة ان الكون خلي من المخلوقات سواءهما يحمله بساط الهوي الي سطحها ينظر في عيناها تركب معه بساطه ويطيرا معا في سماء الدنيا تلمس النجوم المعتمة فتضئ بنورها ويغير القمر منها فيحتجب يستيقظ من سكرات الهوي علي صوت امها تستعجلها تحضير العشاء فيغيب عنه جسدها لكن تبقي روحها معه يكمل رحلته ببساط العشق في سماء الهوي حتي ينام علي كرسية يستيقظ علي صوت اذان الفجر ليبدأ طقوس يومه من جديد اليوم انهي امتحانات الثانوية العامة وحبيبته قد اصبحت سيرة مجالس النساء اشتد عودها علي غصن بان وجمالها صورة تتمناها كل النساء استجمع كل شجاعته وفاتح ابية في امر زواجة منها ضحك الاب بخبث الان فهم عشق ابنه للسطح بعد صلاة العصر هاخطبهالك من ابوها هل يمكن ان تعطي الدنيا كل الاشياء لا الدنيا تعطيك لتاخذ اكثر مما تعطيك انطلق للمسجد يدعوا ربه ويسبح ويكبر يركع يسجد يرفع يده الي السماء يا رب لا اريد من الدنيا سواها خذ عقلي واتركني مجنونا في هواها صلي العصر وانطلق الي السطح ليستطلع الامر ابوه يمشي بخطئ ثابتة نحو منزل حبيبته ولما لا فابنه نعم الدين والاخلاق ويزيد بعلمه شباب القرية كلهم واهل القرية جميعا في نفس المستوي الكل فقير والفرق بين اغناهم وافقرهم شئ يسير طرق الباب وبعد الترحاب يشرفني ان اطلب ابني لبنتكم الجواب لا يقبل المناقشة البنت محجوزة لابن عمها قضي الامر تقاليد القرية والعرف اقوي حتي من الدين ابن العم احق ببنت عمه طالما ارادها يلمح وجه ابيه وهو خارج من المنزل فيعلم بالامر ينزل سلالم البيت كالطير المزبوح يستقبله ابوه بنفس الكلمات البنت محجوزة لابن عمها يختنق الحب بالعادات ويموت تحت اقدام التقاليد يحبس بكل ما اوتي من قوة دمعة في عينية البكاء ليس من شيم الرجال الشمس تغيب موعد اخرنظرة واخر لقاء صعد السلم وكأنه يساق الي حبل المشنقة يلقي بنفسه علي الكرسي تصعد كعاتها تنطق نفس الكلمات بيتك بيتك الطير لا يستجيب الطير يصيح يصرخ الطير يشعر بالحزن يعتصر الكلمات صوتها مخنوق والدمع يتبخر علي خديها تذهب في قوة غريبة نحوه تقف امامه ما الامر هذا موعد عودة الفلاحيين من الارض لو شاهدها احد تنظر اليه لاصبح الامر خطير قد يترك خلفه عارا ودماء نهض لاول مرة من كرسيه ووقف امامها اول مرة ينظر اليها من غير حجاب ولاول مرة تنظر اليه من غير غض الطرف هل هذا تحدي ام هذا انتحار لا تستطيع ان تتحدي اكثر من هذا الامر قد ينتهي بقتلة هي قد حكم عليها بالاعدام فليحيا هوهكذا حدثتها نفسها فانطلقت تواري نفسها داخل جوف البيت شعرت امها بهذا الحب فمنعتها من ولوج السطح كان اخر لقاء جمع الزبيحين اليوم زفافها الزغاريد انطلقت تعلن عن اخر يوم له في القرية جاءه جواب التعيين في نفس اليوم دخل غرفته جمع اشيائه لن يتحمل ان يسمع طلقات النار معلنه الدخول بها ستكون الطلقات في قلبه والقلب اصبح مريض علل لوالده انه يتحتم عليه الذهاب الان ليتسلم عمله باكرحمل الشنطة القي علي سطحها اخر نظرة لم يجد الا طيورها في وداعه جلس علي المحطة في انتظار القطار اخذ يتمتم بكلماتها بيتك بيتك بيتك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق